تملالت – الحسن اليوسفي
تصوير – عزيز احجيبي
شكل دستور 2011 طفرة نوعية في مجال الحقوق والحريات، لاسيما في ما يخص النهوض بحقوق المرأة ومكافحة كل أشكال التمييز والعنف المبني على الجنس، ابتداء من الديباجة التي حظرت كل أشكال التمييز، مرورا بالفصل 19 المحدث لهيئة المناصفة، والفصل 22 الذي نص على عدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة.
وتنزيلا لهذه المقتضيات الدستورية، و في إطار تخليد اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد النساء، شهد مركز النساء في وضعية صعبة بمدينة تملالت إقليم قلعة السراغنة يوم الخميس 06 دجنبر 2018، الحملة الوطنية 16 لوقف العنف ضد النساء حول موضوع،” تعبئة جماعية مجتمعية للقضاء على العنف ضد النساء “.
في مستهل هذا اللقاء، رحب الأستاذ المشرف على هذه الندوة بالسيد قائد باشوية مدينة تملالت وبالشركاء والضيوف الكرام, بعد ذلك تحدث عن ظاهرة العنف ضد النساء بصفة عامة وعن أهم التدابير الإستراتيجية المعتمدة من طرف الوزارة في مجال مناهضة العنف ضد المرأة، للحد من هذه الظاهرة الاجتماعية.
تلتها بعد ذلك مداخلة الأستاذ المندوب الإقليمي للتعاون الوطني، الذي أعطى مجموعة من الإحصاءات الخاصة بظاهرة العنف ضد النساء بناء على البحث الوطني الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط حول انتشار العنف ضد النساء، كما أشار إلى أن هذه الظاهرة شكلت محور إهتمام الحركات النسائية منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي، إذ نشطت الحركات النسائية في قيادة حملات تحسيسية وتواصلية حول هذه الظاهرة، وإحداث مراكز الاستماع للتكفل بالنساء ضحايا العنف، بالإضافة إلى الترافع ورفع تقارير موازية للمساهمة في بناء استراتيجيات لمناهضة العنف ضد النساء، كما تطرق إلى المجهودات التي بذلتها المؤسسات الحكومية لمناهضة هذه الظاهرة.
أما مداخلة الأستاذة المحامية، فقد ركزت فيها على الضمانات القانونية والآليات الحمائية لمناهضة العنف ضد المرأة من خلال:
– المقتضيات القانونية الموفرة للحماية اللازمة للمرأة والمنصوص عليها في الدستور، وكذا على مستوى النصوص التشريعية التي تحمي المرأة من مرتكبي العنف من خلال القانون الجنائي، مدونة الأسرة، مدونة الشغل، قانون الجنسية، قانون الالتزامات والعقود، مدونة التجارة، قانون الحالة المدنية.
– الآثار المترتبة عن العنف على مستوى الأسرة والفرد.
– دور المؤسسة في التكفل القضائي بالنساء ضحايا العنف كآلية لحماية العنف ضد المرأة، من خلال ضمان حقوق النساء المعنفات عبر تقديم خدمات تتعلق بالتكفل القضائي والصحي و النفسي والاجتماعي.
وفي تدخل للأستاذ محمد زروال الكائب الوطني لمركز الناس، أشار بالمناسبة على النفس الميداني الذي أصبحت تنظم به الندوات والحملات التحسيسية ومدى دورها الفعال في التوعية ونشر ثقافة اللاعنف، والتحسيس بالتكلفة الباهظة للعنف اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا، وضرورة اعتماد مقاربة تشاركية وديناميكية بين مختلف الشركاء والمتدخلين في المجال، للحد من ظاهرة العنف ضد النساء باعتبار الظاهرة شأنا مجتمعيا يجب أن تتكاثف جميع الجهود القطاعية والمؤسساتية والمدنية للتصدي لها.
بعدها تناول الكلمة الأستاذ ممثل الوكالة الإجتماعية بمراكش بمداخلة حول موقف الإسلام من العنف ضد المرأة، حيث ركز من خلال كلمته على نظرة الإسلام للعنف بمختلف أشكاله وتجلياته، مؤكدا على رفض الإسلام التام لهذا السلوك، معتبرا العنف ظاهرة غير صحية ولا تتناسب مع مبادئنا الإسلامية، مؤكدا على أن التقارب الفكري و الاجتماعي وحسن المعاملة بين الزوجين والتربية الحسنة هي الحل الأنسب للتقليص والحد من هذه الظاهرة.
وفي الختام، انتهت الندوة التحسيسية بأخد مجموعة من الإجراءات والتدابير الهامة والحاسمة، والتي من شأنها أن تمكن من إعداد جيل صاعد سليم على مستوى البنية الذهنية والسلوكية، مع تظافر جهود مكونات الدولة والمجتمع المدني وكافة الجمعيات الحقوقية والمؤسسات الحكومية والقضائية والإعلامية والدينية والتعليمية من أجل محاصرة هذه الظاهرة، حتى تمكن المرأة من مناخ عام يسمح لها بإثبات وجودها وإبراز قدراتها لتكون ذاتا فاعلة في المجتمع.
عموما، فقد تم الإجماع على ضرورة تكثيف الجهود بين كل الأطراف المعنية عبر بلورة استراتيجية تشاركية بين القطاعات المعنية بهذه الظاهرة، وذلك من خلال تمتين الالتقائية بين مختلف الاستراتيجيات والبرامج القطاعية في مجال مكافحة العنف ضد النساء في أبعادها التربوية، والثقافية، والقانونية.
عذراً التعليقات مغلقة