منير الصادقي –
خرجت الشغيلة المغربية بمختلف أطيافها المنضوية تحت لواءات نقابية متنوعة صباح اليوم الأربعاء فاتح ماي2019 إلى الشوارع، للتعبير عن موقفها والصدح بصوتها الاحتجاجي إزاء واقع سوق الشغل، وظروف العمل في مختلف المؤسسات العمومية والخاصة.
وقد أجمع المتظاهرون الذين حجوا إلى مواقع تخليد هذا اليوم العالمي، احتجاجا على الواقع المختل الذي تشهده مختلف القطاعات، بعدما أضحت فيها حقوق الموظف والعامل على السواء مهضومة، وبات خلالها الحق النقابي مهددا بسبب التعسف الإداري الذي يواجهه، في سلوك يكرس عقلية القمع والاستبداد التي تمارسها مؤسسات الدولة ولم تسلم منه بعض القطاعات الخاصة لأول مرة بالمغرب، ورغم هذا السياق المتوتر والمتسم أيضا بنهوض شعوب المنطقة من جديد للمطالبة بتغيير الأنظمة القائمة في كل من السودان و الجزائر وأمام تصاعد تكاليف الحياة، اهتزت فرائص الحاكمين من جديد فهرولوا لتوقيع اتفاق مع بعض النقابات والباطرونا لفرض سلم اجتماعي لمدة ثلاثة سنوات(2019-2021)، وهو الاتفاق الذي لم تستحضر فيه النقابات الموقعة، مع الأسف، حجم الهجوم الليبرالي على حياة ملايين العمال والأجراء ولا حاجاتهم الملحة، وعلى رأسها إلغاء العمل بالتعاقد بالوظيفة العمومية، وزيادة حقيقية في الأجور تسمح بالعيش الكريم لأجراء لم يعد الحد الأدنى للأجور الحالي يسد رمقهم، والمطالبة بمراجعة جذرية لنظام الضرائب مع فرض ضريبة تصاعدية على الدخل…فالمغرب تكثف للهجوم الليبرالي وشمل كل مناحي الحياة وأدت سياسة الحاكمين في مختلف القطاعات إلى رهن البلاد ومستقبلها بمصالح كبار الرأسماليين المحليين والأجانب. فالسياسة الفلاحية الحالية ترتكز على الإنتاج التصديري الذي يصب في مصلحة كبار المستثمرين بتقديم الدعم وكل التسهيلات لهم والتضحية بمصلحة عشرات الآلاف من العمال الزراعيين وبمصير الفلاحين الصغار الذين يتم تفقيرهم والاستحواذ على أراضيهم، مما يجعل مصيرنا الغذائي بيد الشركات الرأسمالية الكبرى. ونفس السياسة أدت إلى السماح للشركات المغربية والأجنبية الكبرى باحتكار صيد الأسماك على امتداد البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي بالمياه المغربية، دون أية مراعاة للتنوع البيولوجي ولأوضاع الصيادين الصغار، وأدت سياسة جلب الاستثمارات الأجنبية الى استعباد الطبقة العاملة المغربية مقابل تحويل أقساط صافية هامة من الأرباح الى الخارج. فمشاركة قطاع الإسعاف بسياراتهم التي تشغل صافرة الإنذار لها دلالات على ضرورة إسعاف الطبقة الكادحة التي أثقلت بصعوبة تحمل مصاريف الحياة الباهضة، والحماية للحقوق التي تضمنتها الخطابات السامية في ضل عجز شامل للحكومة الحالية للاستجابة لمتطلبات المواطنين، حيث أصبح القمع والضغط على المحتجين هو أول وسيلة متبعة قبل فتح باب الحوار. فاليوم أبانت النقابات على رقي المجتمع المغربي في مطالبه رغم كل المعاناة يبقى الصبر مفتاح الفرج .
عذراً التعليقات مغلقة