موسيقى الشارع ظاهرة جديدة تنتشر في شوارع العاصمة الاقتصادية البيضاء

رشيد بوريشة12 أكتوبر 2018
موسيقى الشارع ظاهرة جديدة تنتشر في شوارع العاصمة الاقتصادية البيضاء

أمين حمرة –

تشكل ساحة الأمم المتحدة المعروفة بساحة ” ماريشال ” بشارع محمد الخامس القلب النابض لمدينة الدار البيضاء بحكم تواجدها في وسطها، و تعتبر وجهة لزائري العاصمة الاقتصادية الأجانب والمغاربة، فضلاً عن أنها مقصد غالب الجمعيات والنقابات و الهيئات سياسية كانت أم مدنية، للتعبير عن سخطهم واحتجاجهم، و ممارسة أنشطتهم الترفيهية و الثقافية، كما تعتبر نقطة تجمع تستغل مساحة خصبة للإشهارات و الإعلانات الاقتصادية.

لكن منذ أشهر قليلة تحولت الساحة إلى ” جامع الفنا “، البيضاوي، حيث بدأت تشهد عروضا موسيقية و ترفيهية، مختلفة عما اعتاده المواطنون بالمنطقة، مع ترحيب المارة وتسامح السلطات التي اعتادت الاستنفار والترقب حفاظاً على الأمن العام.

هؤلاء الوافدون الجدد هم موسيقيون شباب يحملون آلات موسيقية تكون متصلة أحياناً بمكبرات صوت محمولة، يختارون إحدى زوايا الساحة التاريخية التي رسمها مهندس فرنسي في عشرينات القرن الماضي إبان عهد الحماية، ليطلقوا العنان لألحانهم وأغانيهم بمختلف أصنافها.

ويقول سوريت سياف (20 سنة)، وهو يداعب بأصابعه أوتار غيتار إلكتروني «كثير من الناس يتوقفون لمشاهدة عروضنا والاستماع إلينا أو تشجيعنا، وثمة من يلتقط صور سيلفي معنا» معلقاً بابتسامة ” نحن نمنح بعض الفرح للناس، و نبهج خرجاتهم العائلية، نغني بكل احترام و مودة، و نبادلهم الحب بالحب “.

يمسك هذا الشاب بالمذياع وسط العمارات السكنية الفرنسية، والمباني الإدارية التي يقارب عمرها قرنا من الزمن، يرافقه شاب ألماني يعزف موسيقاه على آلة البوق النحاسية تيلمان، وهو شاب ألماني يجوب العالم.

ويروي سياف «تخليت عن دراستي لأكرس نفسي للموسيقى، وهذا ما أقوم به يوميا في الشارع، لأنني أجد بها نفسي و راحتي»، ويتوقف بعض المارة قليلاً للاستماع إلى الموسيقى ويهدونه أحياناً بعض المال احتراما لفنه، يضعونها بالقبعة التي وضعها أمامه على الأرض.

ومع اقتراب مغيب الشمس يتجمع موسيقيون آخرون وراقصو ” الهيب هوب ” و فنانون من أنواع شتى وسط الساحة، للقيام بوصلات موسيقية ورقص ارتجالي أو حركات بهلوانية لاستقطاب المارة، أو ألعاب سحرية او رياضية. هذه الظاهرة التي بدأت في الانتشار في شوارع العاصمة المغربية منذ ثلاثة أو أربعة أشهر وفق شهادات المارة، خلفت جواً ودياَ في الفضاء العام، وغيرت إيقاعات الاحتجاج المعتادة في شارع محمد الخامس لتحل مكانها إيقاعات جديدة.

غير أن الساحة تعرف انتشارا واسعا للمتشردين و المتسكعين و المتسولين، خصوصا عند حلول الظلام، ما يدفع المواطنين و العائلات إلى الامتناع عن متابعة هذه اللوحات الفنية الرائعة، و الغريب أن السلطات الأمنية المنتشرة بكثرة تكاد لا تتدخل لفض تجمعات المتشردين و متناولي المواد المسكرة و المخدرة علنا، و تتراقص بسكراتها هنا و هناك، دون حسيب و لا رقيب، ما يعطي للساحة طابع العربدة، و يرسخ بأذهان المواطنين و الزوار الأجانب، أنها ساحة الموت، بدل أن تكون ساحة الحياة، و قلب البيضاء النابض، و بدل أن يعطي عاصمة المغرب الاقتصادية طابع الفن و الثقافة، فهي تتحول الآن لعاصمة الإجرام بامتياز.

شددت السلطات الأمنية بالدارالبيضاء في تضييقها الخناق على ظاهرة التسول مطلع 2017، و كثفت حملاتها للقضاء على هذه الظاهرة التي شهدت خلال السنوات الأخيرة انتشاراً كبيراً، و اعتبرت أن ظاهرة ” فن الشارع ” هي نوع من التسول عن طريقة الغرب، و إزعاج للسكان و الزوار.

وتعلق سميرة كيناني المسؤولة المحلية في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في البيضاء : ” هناك نوع من التسامح تجاه هؤلاء الموسيقيين الذين نلحظ انتشارهم أيضاً في مدينة الرباط “، لكن كيناني لا تعتبر أن ذلك يترجم تطوراً في إدارة الفضاء العام من طرف السلطات، فهي تؤكد : ” لو كان هؤلاء الموسيقيون ينشدون أغاني احتجاجية، لتم قمعهم لا محال” .

وجاء في التقرير السنوي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» أن السلطات المغربية تساهلت خلال 2016 مع «الكثير من التظاهرات والمسيرات، في حين قامت بتفريق بعضها على رغم طبيعتها السلمية».

إنتظروا برنامجا مصورا عن فن الشارع بساحة الأمم المتحدة بالدارالبيضاء  – مارشال – سابقا.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة