محمد حسب –
نظرًا لامتلاء أغلب الأراضي الطينية بمقابر البهاليل، لم يتبقَ سوى الأراضي الصلبة، التي يصعب حفرها يدويًّا. لذلك، أصبح من الضروري الاستعانة بآليات الحفر مثل “التراكس” أو غيرها من المعدات المناسبة. واستجابةً لهذه الحاجة، بادر المجلس الجماعي لمدينة البهاليل، مشكورًا، إلى استخدام هذه الوسائل، مع مراعاة عدم مرور الآليات فوق القبور، احترامًا لحرمة الموتى الذين كرّمهم الله أحياءً وأمواتًا.
وقد بذل المجلس جهودًا كبيرة لتوفير هذه المعدات وحفر القبور، بهدف تسهيل عمليات الدفن وضمان عدم تسرب مياه الأمطار إليها. وبما أن التربة في هذه المناطق صخرية، فلا حرج في اللجوء إلى المعدات الثقيلة عند الضرورة.
وفي هذا السياق، نأمل أن تكون المقابر شبيهة بالحدائق الحضرية العامة، نظرًا لدورها المهم في النظام البيئي للمدينة. فمن خلال توفير بيئة شبه طبيعية للنباتات بجوار القبور، يمكن تحسين جودة الهواء، والحفاظ على المكان من الناحيتين الباطنية والظاهرية، وإضفاء لمسة جمالية عليه. كما أن تطوير البنية التحتية الخضراء للمقابر سيساهم في تعزيز قيمتها ليس فقط كمكان مقدس للترحم، بل أيضًا كعنصر حضري يعكس الاهتمام بالجوانب البيئية والجمالية.
إضافةً إلى ذلك، يمكن اعتبار المقابر جزءًا من البنية التحتية الخضراء للمدن، حيث تساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي، والحد من التلوث البيئي، وتحسين المساحات الخضراء. كما أنها تلعب دورًا في التقليل من تدهور النظم البيئية وتعزيز العلاقة بين الإنسان والطبيعة، مما ينعكس إيجابيًا على الصحة النفسية والجسدية للسكان.
عند الحديث عن المساحات الخضراء الحضرية، غالبًا ما يتم التركيز على الغابات الحضرية، والأزقة المشجرة، والحدائق والمتنزهات، بينما يتم إهمال المقابر في هذا السياق. لذا، من الضروري إدماجها في هذا التخطيط البيئي، وتحسين مظهرها لتكون محل اهتمام وافتخار، بما يضمن تكرار الزيارات والترحم في بيئة أكثر جمالًا وراحة.