– خاليد بكيوض
تشهد مدينة السمارة موجة من الاستياء والغضب الشعبي المتزايد، بسبب الغياب المستمر لطبيب الأطفال بالمستشفى الإقليمي، ما تسبب في معاناة متفاقمة للأسر، خاصة الفقيرة منها، التي تجد نفسها مضطرة لقطع مسافات طويلة نحو مدن مجاورة طلبًا للعلاج، وسط ظروف صعبة وأعباء مالية تثقل كاهلها.
ورغم أن المستشفى الإقليمي بالسمارة عرف خلال السنوات الأخيرة بعض التحسينات على مستوى البنية التحتية وتزويده بمعدات طبية حديثة، فإن غياب الأطر الطبية المتخصصة، وعلى رأسها طبيب الأطفال، يجعل هذه التجهيزات بلا فعالية عملية في مواجهة الطلب المتزايد على الخدمات الصحية. ويظل الأطفال، باعتبارهم الفئة الأضعف والأكثر حاجة للرعاية، في مرمى الإهمال، وسط صمت مقلق من الجهات الوصية على القطاع.
وتُظهر الإحصائيات المحلية ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الحالات التي تستدعي تدخلاً طبيًا متخصصًا في طب الأطفال، ما يكشف هشاشة المنظومة الصحية بالإقليم، ويطرح تساؤلات مشروعة حول استراتيجية وزارة الصحة في معالجة الخصاص الحاد على مستوى الموارد البشرية بإقليم السمارة.
وفي جولة ميدانية، رصدنا خلالها شهادات مواطنين من الساكنة، عبّرت السيدة أمينة، وهي أم لطفلين يعانيان من أمراض مزمنة، عن حجم المعاناة قائلة:
“السفر إلى مدن أخرى ليس فقط مرهقًا، بل يستنزفنا ماديًا. هناك أسر لا تملك حتى ثمن تذكرة الحافلة، فكيف لها أن تؤمن تكاليف العلاج؟ نريد فقط طبيب أطفال هنا، في مستشفانا.”
من جهته، أطلق الناشط المحلي محمد (ت.) نداءً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دعا فيه إلى تدخل عاجل من السلطات، قائلًا:
“هذه القضية أصبحت مسألة حياة أو موت. نناشد السيد عامل الإقليم، الذي نعلّق عليه آمالًا كبيرة، أن يتدخل لتوفير طبيب أطفال بشكل مستعجل.”
وتعكس هذه التصريحات حجم الإحباط الذي يسود بين المواطنين، الذين لم يعودوا يطالبون بتحسين الخدمات، بل فقط بضمان الحد الأدنى من الرعاية الصحية لأبنائهم. الأطفال الذين يُفترض أنهم يمثلون مستقبل المدينة، لا يجدون من يداويهم في اللحظة التي يحتاجون فيها إلى العناية.
وفي ظل هذه الوضعية الحرجة، يظل السؤال مطروحًا:
هل ستظل أصوات ساكنة السمارة مجرد صرخات تائهة في صحراء الإهمال؟
أم أن الجهات المعنية ستلتقط هذا النداء وتترجمه إلى خطوات عملية تستجيب للحق الدستوري في الصحة والعلاج؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة، لكن التأخير قد يكلّف الكثير، وقد يحكم على أطفال السمارة بمزيد من المعاناة.