زهير دويبي –
في حادثة تهز الرأي العام المحلي، أطلقت سيدة مغربية تُدعى كوثر نداء استغاثة عاجلاً إلى الجهات المختصة والمجتمع المدني، لإنقاذ ابنتها القاصر ذات السبعة عشر عامًا، التي تقول إنها ضحية استغلال ممنهج من طرف والدها وعمّاتها، عقب طلاقها منه وتنازلها عن مستحقاتها مقابل التزامه بإعالة الطفلة.
وتفيد رواية الأم بأن الاتفاق المبرم بين الطرفين منحها الحق في زيارة ابنتها في أي وقت، غير أن العائلة الحاضنة – كما تصفها – خرقت كل بنوده، واتخذت منحى خطيراً. إذ تؤكد أن الفتاة أُجبرت على دخول عالم الدعارة وهي دون السن القانونية، بتواطؤ مباشر من أقاربها.
وتشير كوثر إلى أن الطفلة تعرضت لابتزاز من خلال صور ومقاطع فيديو وُثقت فيها بوضعيات مخلة، استُغلت كوسائل للضغط عليها و”تسويقها” تحت ذرائع مثل “زواج مؤقت”، مقابل مبالغ مالية متفاوتة بحسب “الزبائن”، على حد تعبيرها.
مكان الحادثة هو حي سباتة، قرب حمام الفن وسوق سباتة، على مقربة من مستشفى ابن مسيك، حيث حاولت القاصر الانتحار مرتين؛ الأولى نتج عنها كسر حاد في اليد، والثانية كانت أشد خطورة، بعدما تناولت مادة سامة (يُعتقد أنها سم فئران)، وتم نقلها في حالة حرجة إلى المستشفى، حيث خضعت لغسيل معدة أنقذ حياتها.
تقول الأم إن ابنتها، بعد استعادة وعيها، اتصلت بها طلباً للنجدة، قبل أن تتعرض لمحاولة إرجاع قسرية إلى نفس البيئة التي تؤكد أنها كانت سبب معاناتها.
وفي تصريح مؤلم، قالت الأم:
“أواجه آلة من النفوذ والمال… عائلة قادرة على شراء الصمت، وأنا لا أملك سوى صوتي وصرخة أمّ تريد فقط استرجاع ابنتها من الجحيم.”
من الجانب القانوني:
تُعدّ هذه الحالة خرقاً صريحاً لقوانين حماية الطفولة في المغرب، حيث:
يُجرّم القانون كافة أشكال الاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، ويعاقب عليها بالسجن المشدد، وقد تصل العقوبة إلى المؤبد.
يحق للأم رفع دعوى استعجالية لاستعادة الحضانة، خصوصًا مع وجود دلائل على تعرض القاصر للخطر.
محاولات الانتحار المتكررة مؤشر خطير يستدعي تدخلاً فورياً من مؤسسات حماية الطفولة.
هذه الطفلة قد تحمل ندوباً نفسية عميقة تجعلها تنظر إلى العالم بعينٍ ممتلئة بالريبة. ورغم العلاج، فإنها قد تواجه: 1. صعوبات في بناء علاقات سوية.
2. ارتباكًا في أدوارها المستقبلية، خاصة في الأمومة.
3. صراعاً داخلياً بين دور الضحية والسعي نحو التعافي.
ليست هذه مجرد قضية فردية، بل امتحان حقيقي لضمير المجتمع ومؤسساته.
ويبقى السؤال: هل ستكون هذه الصرخة كافية لكسر جدار الصمت؟ أم ستُدفن وسط زحام القضايا المنسية؟
الوقت وحده سيجيب، لكن الخوف كل الخوف، أن يكون الجواب على حساب روح طفلة لم تعد تحتمل المزيد.