
د. هنية ناجيم/اقلام المغرب الحر
كان يعزف للحظة عاشها قبلا ويعزفها بكل شعوره اللحظة.
انتهى مقطع المعزوفة ولم أدر لما يواصل العزف. هل يريد إعادة ما عاشه إذاك وتغيير وقائعه في كينونته بالعزف؟ هذا ما تبادر إلي وزم تدفق تفكيري حين فجأة توقف عن العزف، فصحت في قراري بصمت ‘ها قد انتهى’ ولم أكمل تخميني حتى لمحته مصعوقة ينظر إلي بغضب زاما شفتيه. كأنه يسألني بنظراته أمرا ما. فهرول تفكيري القهقرة وجحظت عيناي علني أمحو ما قد طفى على جبيني وتسرب طيفا من أفكاري.
تنهدت الصعداء حين انتصبت الحشود وتواريت وراء الكل لأختبئ منه. فقمت من مكاني على خطى مهرولة غادرت المسرح قبل الكل، هاربة أنا من شخص لا أعرفه البتة لم نتواصل سوى حين عزف ذاك اللحن المألوف بأنامله وختمه بنظرة غضبه الموجهة نحوي. ياللسخرية! ما تكون حاجته لتلك النظرة تلك؟
وتذكرت عبر طريقي الكثير المنعرجات أن ذاك العازف قد مر في حياتي، فإحساسه المتسرب إلي عبر عزفه ذاك قد ذكرني بشخص إسمه حفر بلوح ماضي، هاشم، زميل بالدراسة كنت قد هشمت طموحه في صداقتي، حين اتهمته بالعنصرية ضد زميلة لي صديقة عمري آنذاك التي كانت تشتكي لي منه باستمرار على أنه يضايقها بألفاظ بذيئة وعنصرية، والتي اتضح لي بعدها بسنين أنها كانت تعشقه، وكانت أحاسيسها من طرف واحد.
تنهدت وخانتني ركبتاي فجلست على رصيف محطة التاكسي عل عربة تمر وتنقص عني مشقة باقي الطريق. كنت أتأبط رأسي حين سمعت صوتا ينادي ‘اركبي سيدتي لأوصلك إلى وجهتك، كفاك ضياعا’. رفعت نظري نحو المتكلم فإذا به ذاك العازف وقد تسمر باسما وراء مقود سيارته السوداء وعينيه تترجاني بأن أقبل. انتصبت واقفة وتوجهت نحوه فيما هو غادر سيارته نحوي مسترسلا: “ذاك اللحن المألوف غيرت نهايته علكي تنساقي معه نحوي وتوحدي حياتينا حبيبتي. فخاتمة لحني كانت تترجاك بأن تستفيقي من غفلتك وتمسكين بزمام ألحاني كلها، فهل أنت موافقة؟”، فوافقت. أترانا نكمل المعزوفة اللحظة
عذراً التعليقات مغلقة