الديمقراطية الموهومة عماد حريات الغرب… فرنسا نموذجاً

رشيد بوريشة20 ديسمبر 2018
الديمقراطية الموهومة عماد حريات الغرب… فرنسا نموذجاً
الديمقراطية الموهومة عماد حريات الغرب… فرنسا نموذجاً

المغرب الحر / الدكتور عبد القادر بشيرـ كركوك العراق

سياسات الرئيس الفرنسي (ماكرون) فاقت قوة احتمال قطاع كبير من الطبقة المتوسطة والفقيرة؛ بسبب انحيازه للأغنياء على حساب الفقراء، عندما قرر زيادة أسعار الوقود، وفرض ضرائب جديدة، دون أن يهتم بآراء هذه الطبقات، ولا بممثليها، ولم يأخذ بعين الاعتبار حاجة هذه الفئات المشروعة، من تقدير واعتبار واحترام وتفاعل إيجابي مع مطالبهم. وهذه المواقف، دليل على أن الحكومة الفرنسية بدأت تتخلى تدريجياً عن الدور الاجتماعي للدولة، بسبب تقييد النهج الديمقراطي لصالح الأبجديات الليبرالية، التي أثقلت كاهل تلك الطبقات الفقيرة.
هكذا بدا المشهد السياسي الفرنسي، مع بدء الحراك الاجتماعي، الذي قاده ذوو (السترات الصفر)، وهي كناية عن سواق السيارات؛ من غير قيادة واضحة أو منظومة سياسية أو فكرية تجمعهم، برغم مرور عقود على التجربة الديمقراطية، والممارسات الديمقراطية في الحياة السياسية والاجتماعية. في حين كانت فرنسا مثالاً يحتذى بها في الحريات، مثل حرية الرأي والتعبير والمعتقد، وغيرها من الحريات التي اعتبرها الشعب الفضاء الوحيد الذي ينمو فيه الوعي المجتمعي الحضاري المدني.
تلك القيم، والممارسات الديمقراطية تنكّرت لها الشرطة الفرنسية، حين لجأت إلى استعمال القوة المفرطة، واتباع الطرق البوليسية اللاحضارية واللامدنية مع المحتجين العزل حتى طفح الكيل وغرقت باريس في موجة عارمة من الغضب الشعبي.
وما زاد الطين بلة؛ وصف الحكومة الاحتجاجاتِ على أنها كارثة على الاقتصاد الفرنسي، وأنها ازمة مفتعلة، والمحتجون أصحاب مشكلات، ووحوش خرجوا عن السيطرة، وتسببوا في المزيد من الفوضى والتخريب؛ بسبب تجاوزهم على الممتلكات العامة وعلى رجال الشرطة.
ذلك الموقف الحكومي من المحتجين، وشكر واحترام الشرطة مقابل قمعهم للشعب، وافتعال الأزمات في الأسواق مع قرب رأس السنة الميلادية؛ كهجوم (ستراسبورغ) الذي لم يثنِ من همة المحتجين، بل تواصلت تلك الاحتجاجات، وتم رفع سقف مطالبهم، ليصل إلى تنحي ماكرون عن الرئاسة، رفع أجور العمل، تحسين نظام التعليم، رواتب تقاعدية أفضل، تخفيض الضرائب وتسهيل القبول في الجامعات.
فكانت لتلك الاحتجاجات تداعيات خطيرة منها استمرارها لتثير عدداً من القضايا الأخرى، مثل بروز الفجوة ما بين الإرادة السياسية والإرادة الشعبية، وتعرض ماكرون للسخرية؛ لعدم تواصله مع الناس العاديين، ليجعل هذا السلوك الحكومي الاستعلائي دليل على فشل أوربا – فرنسا نموذجاً – في الديمقراطية، وفي تطبيق قيم الحرية؛ لاسيّما وأن المجتمع الفرنسي صاحب أعرق تجرية ديمقراطية، بات يعاني من أزمات حقيقية، وكسر لإراداته، وأن الأزمة ما تزال قائمة ومفتوحة على احتمالات وأسئلة كبرى، قد تغير الموازين أو تقلبها رأساً على عقب؛ إما لصالح الحكومة برغم انتكاس الديمقراطية بوجودها، أو لصالح الشعب الذي ثار لنصر قيم الديمقراطية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الفرنسي، لأن الكل يرى الموقف من زاويته.
———————————————————————–
عن الدكتور عبد القادر بشير:

  • دكتوراه صحافة
  • مستشار صحافي 
  • دكتوراه فخرية في الاعلام الهادف
  • عضوعامل في نقابةالصحفيين العالمية
  • رئيس تحريرمجلة الصواب المستقلة في كركوك – العراق
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة