
محمد خطيب –
في وقت قصير، تحول موقع فايسبوك من فضاء لتقريب المسافات بين الأفراد إلى سوق عشوائي مفتوح يعج بكل أنواع المنشورات، في ظاهرة أُطلق عليها مصطلح “الجوطية الرقمية”. تشهد المنصة يومياً سيلاً من المحتويات المتنوعة التي تتراوح بين الأخبار الجادة، الإعلانات العشوائية، الفيديوهات الترفيهية، وأحياناً حملات التضليل ونشر الإشاعات، ناهيك عن تداول التفاهة و المحتويات اللاتريوية…. هذا الوضع يثير جدلاً واسعاً بين المستخدمين والمتخصصين. وبحسب تقارير حديثة، فإن أكثر من 40% من المنشورات المتداولة على المنصة في المنطقة المغاربية تفتقر إلى مصادر موثوقة أو تروّج لمعلومات غير دقيقة، مما يزيد من حدة الإشكال المرتبط بالوعي الرقمي لدى المستخدمين. من جانب آخر، يرى بعض المدافعين عن حرية التعبير أن هذه الفوضى ليست سوى انعكاس طبيعي لتوسيع قاعدة المستخدمين وتنوع اهتماماتهم، معتبرين أن التنظيم المفرط قد يقيد حرية التعبير ويخنق دينامية النقاش المفتوح. ورغم محاولات فايسبوك تطوير آليات الذكاء الاصطناعي لرصد المحتويات غير اللائقة، إلا أن الفوضى ما تزال سيدة الموقف، مما يطرح تحديات كبرى أمام ضرورة التوازن بين حرية النشر وضمان مصداقية المعلومة. وفي انتظار حلول أكثر نجاعة، يبقى الفايسبوك بالنسبة لملايين المستخدمين فضاءً رحباً، لكنه محفوف بالمخاطر، حيث يتحول كل يوم إلى نسخة رقمية من “الجوطية” التي يصعب فيها التمييز بين الحقيقي والمزيف.